الثلاثاء، نوفمبر ٠١، ٢٠١١

أمل دنقل - الموت في الفراش

(بيان)
أيها السادةُ، لم يبقَ اختيار
سقط المُهرُ من الإعياء،
وانحلَت سيورُ العَرَبة
ضاقت الدائرةُ السوداءُ حول الرقة
صدرنا يلمسهُ السيفُ،
وفي الظَّهرِ: الجدار!
………………….
أيها السادةُ لم يبقَ انتظار
قد منعنا جزيةَ الصمتِ لمملوكٍ وعَبد
وقطعنا شعرة الوالي ” ابنِ هند “
ليس ما نخسرهُ الآنَ.
سوى الرحلةِ من مقهى إلى مقهى..
ومن عارٍ.. لِعَار!!


(1)
على محطات القُرى..
ترسو قطاراتُ السهاد
فتنطوي أجنحة الغبار في استرخاءةِ الدنوّ
والنسوةُ المتشحاتُ بالسواد
تحت المصابيح، على أرصفة الرسو
ذابت عيونُهن في التحديقِ والرنو
على وجوه الغائبين منذ أعوام الحداد
تشرق من دائرةِ الأحزان والسلو
………………….
ينظرن.. حتى تتآكل العيون
تتآكل الليالي.
تتآكل القطارات من الرواحِ والغدو
والغائبون في تراب الوطنِ – العدو
لا يَرجعون للبلاد..
لا يخلعون معطفَ الوحشةِ عن مناكبِ الأعياد!


(2)
نافورة حمراء.
طفل يبيع الفُلَّ بين العَرَبات
مقتولة تنتظر السيارة البيضاء
كلبٌ يحكُّ أنفه على عمود النور
مقهى. ومذياعٌ ونَرٌد صاخبٌ، وطاولات
ألويةٌ مَلوية الأعناق فوق الساريات.
أنديةٌ ليلية
كتابةٌ ضوئية
الصحف الداميةُ العنوان.. بيضُ الصفحات.
حوائط، ومُلصقات…
تدعو لرؤية (الأب الجالس فوق الشجرة)
والثورةِ المنتصرة!
إيقاعات:
سرحانُ يا سرحان
والصمتُ قَد هدَّك
حتى متى وحدك
يخفِرُك السجان؟
………………….
نَقتُلُ، أو نُقتَل
هذا الخيارُ الصعب
وشلنا بالرعب..
تردُّدُ العُزَّل
………………….
في البيت في الميدان
نُقتَلُ يا سرحان!


(3)
أبخرة الشاي تدور في الفناجين، وتشرئب
يلتمُّ شمل العائلة
.. إلا الذي في الصحراء القاحلة
يرقدُ في أمعاء طائر وذئب
(يهبط من صورته المقابلة
يلتف حول رأسِه الدامي شريطُ الحزن
يجلس قربَ الركن.
يصغى إلى ثرثرةِ الأفواهِ والملاعق المُبتذَلَة
ينشقُّ في وقفته.. نصفين
يصبُّ في منتصف الفنجان.. قطرتين
من دمه،
ينكسرُ الفنجان.. شظيتين)
ينكسرُ النسيان
وهو يعود باكيًا إلى إطارِ الصورةِ المُجلَّلَة
بآيةِ القرآن!
إيقاعات:
الدم قبلَ النوم
نلبسه.. رداء
والدم صار ماء
يُراقُ كل يوم
………………….
الدمُ في الوسائد
بلونه الداكن
واللبن الساخن
تبيعهُ الجرائد.
………………….
اللبنُ الفاسد
اللبنُ الفاسد
اللبن الفاسد
يُخفي الدَّم – الشاهد


 (4)
”أموتُ في الفِراش.. مثلما تموتُ البعير“
أموت. والنفير
يدقُّ في دمشق..
أموت في الشارعِ: في العطور والأزياء
أموتُ والأعداء..
تدوس وجهَ الحق
”وما بجسمي موضع إلا وفيه طعنة برمح“
.. إلا وفيه جُرح،
إذَن.
”فلا نامت عيون الجبناء“.

ديوان مراثي اليمامة - الأعمال الكاملة - مكتبة مدبولي

ليست هناك تعليقات: