الخميس، أغسطس ٣١، ٢٠٠٦

شاعر الصعيد الجميل ورباعياته : عبد الرحيم منصور

لا أعرف إن كان للشاعر الصعيدى عبد الرحيم منصور ديوان آخر غير ديوانه الذى وجدته بالصدفة فى مكتبة مدبولى (الرقص ع الحصى) لكننى منذ أن وقعت عينى عليه هناك تذكرت أغانيه التى تغنى بها محمد منير و أحمد منيب و نجاة الصغيرة مثل : شجر اللمون ، فى دايرة الرحلة ، حدوتة مصرية ، أنا بعشق البحر ، حاضر يا زهر.
لست أنوى الحديث عن الديوان حاليا ، فأنا لم أقرأ منه غير بضعة صفحات ، لكننى سأتحدث عن رباعياته ( الميلاد . الحب . الموت ).
الشاعر الذى نشأ فى أحضان الصعيد وسط أغانيه ومواويله تأثر كثيرا بمربعات أحمد بن عروس والغناء الشعبى الحزين فى رباعياته ، من مظاهر تأثره بمربعات أحمد بن عروس- الذى سوف أتحدث عنه لاحقا حالما يتوافر لى الوقت و المصادر- إستخدام شاعرنا نفس نظام قافية المربعات ( أ- ب- أ- ب) -أما الرباعيات فتستخدم غالبا نظام قافية (أ- أ- ب – أ)- لكن ذلك ليس كل شئ ، فقد كان أحمد بن عروس يكرر الجمل أو الفكرة فى مربعاته مثل.
الندل له طعم مالح
وله خصايل ذميمه
القرب منه فضايح
والبعد عنه غنيمه
ثم
كيف العمل فى رفاقه
الود فيهم نميمه
والقرب منهم حماقه
والبعد عنهم غنيمه

 وعلى نفس طريقه و منهاجه أتبعه عبد الرحيم منصور فى تكرار الجمل أو الأفكار مثل فى:
على كل لون الحياة
على كل لون يا بشر
بشر بتخلق حياة
و بشر بتقتل بشر
ثم
على كل لون العرق
على كل لون السنين
عرق يبيض ورق
و عرق يندى الجبين
قد يعتقد أن ذلك عيبا فى الشاعر إذا كرر جملته أو أسلوبه أو أفكاره ، لكننى أرى ذلك نوعا من الإبداع ، إذ يملك الشاعر تجاه الفكرة الواحدة أكثر من أسلوب للتعبير عنها وللجملة الواحدة أكثر من رأى وصورة فى خياله.
وهو أيضا متأثر ببعض رباعيات صلاح جاهين الذى مد الطريق لشعر الرباعيات فأكمله عبد الرحيم منصور على طريقته الخاصة.
 تجد صلاح جاهين يقول:
نظرت فى الملكوت كتير وأنشغلت
وبكل كلمة ليه ؟ وعشانيه؟ سألت
اسأل سؤال . . و الرد يرجع سؤال
وأخرج من حيرتى أشد مما دخلت
!! عجبى

 فتجد شاعرنا يقول:
عايش على دى الحال
ألف و أتعب لحالى
وكل ما أسأل سؤال
يرجع لى سؤالى تانى

وعبد الرحيم منصور متأثر بشدة بالبيئة التى عاشها وتربى ونشأ عليها وهى بيئة الصعيد ومواويله وأغانيه فظهرت فى كلماته وصوره بشكل واضح للغاية ، فتجده يتحدث عن قلوع المراكب والحنة والأوشام والأرض عطشى للرى وخيالات السفر والهجرة.
قالولى ليه يا قناوى
خطوك على السكة ساكت
أنا قلت كان لى غناوى
داقت الحقيقة و شاخت


فيه طير بيرجع لعشهّ
وطير بيفضل مسافر
وطير ماهوش لاقى قشهّ
وطير مهاجر مهاجر


لغة رباعيات عبد الرحيم منصور مترابطة مع الموروث الشعبى المصرى الملئ بالمواويل والملاحم الشعبيه ، ولذلك هى الأكثر تعمقاً فى بحار الوجدان الشعبى ، ومن الناحيه الأخرى رباعياته هى أفق إبداعى (قديم-جديد) أكثر شمولاً للحكمه الشعبيه.