الجمعة، أبريل ٢٩، ٢٠١١

أبو تمام - يوم الفراق لقد خلقت طويلا

يومَ الفراق لقدْ خلقتَ طويلا .:. لم تُبقِ لي جلداً ولا معقولا
لَوْ حارَ مُرتَادُ المَنِيَّة لَمْ يُرِدْ .:. إلا الفراقَ على النفوسِ دليلا
قالوا الرَّحِيلُ فَما شَككْتُ بأُنَها .:. نفسي عن الدنيا تريد رحيلا
الصَّبرُ أَجمَلُ غَيْرَ أَن تَلَدُّداً .:. في الحُب أَحرَى أَنْ يكونَ جَمِيلا
أتظنني أجدُ السبيلَ إلى العزا .:. وجدَ الحمامُ إذاً إليَّ سبيلا!
ردُّ الجموحِ الصعبِ أسهلُ مطلباً .:. من ردِّ دمعٍ قدْ أصابَ مسيلا
ذكرتكم الأنواءُ ذكري بعضكمْ .:. فبكتْ عليكمْ بكرة وأصيلا
وبنفسيَ القمرُ الذي بمحجَّر .:. أمسى مصوناً للنوى مبذولا
إني تأمَّلْتُ النَّوى فوجَدتُها .:. سَيْفاً عَليَّ معَ الهَوَى مسْلُولا
لا تأخذيني بالزمان، فليسَ لي .:. تبعاً ولستُ على الزمانِ كفيلا
مَنْ زَاحَفَ الأّيَّامَ ثُمَّ عَبَا لَها .:. غيرَ القناعة لمْ يزلْ مفلولا
من كانَ مرعى عزمِهِ وهمومِهِ .:. رَوضُ الأَماني لَم يَزَل مَهْزُولا
لَوْ جَازَ سُلطانُ القُنُوعِ وحُكْمُهُ .:. في الْخَلْقِ ما كانَ القَلِيلُ قَليلا
الرزْقَ لا تَكْمَدْ عليهِ فإنَّهُ .:. يَأْتي ولَمْ تَبْعَثْ إِليهِ رَسُولا
للّهِ دَرُّكِ أَيُّ مَعْبَرِ قَفْرَةٍ .:. لا يُوحشُ ابنَ البيضة الإجفيلا
بِنْتُ الفَضَاءِ متى تَخِدْ بِك لا تَدَعْ .:. في الصَّدْرِ مِنكَ على الفَلاةِ غلِيلا
أو ما تراها، ما تراها، هزَّة .:. تشأى العيونَ تعجرفاً وذميلا!
لوْ كانَ كلفها عبيدٌ حاجةً .:. يوماً لأنسيَ شدقماً وجديلا
بالسَّكْسكي المَاتِعي تَمَتَّعتْ .:. هممٌ ثنتْ طرفَ الزمان كليلا
لا تدعونْ نوحَ بن عمروٍ دعوةً .:. للخطبِ إلا أنْ يكونَ جليلا
يَقِظٌ إذا ما المُشكلاتُ عَرَوْنَهُ .:. ألْفَيْنَهُ المُتَبَسَّمَ البُهْلُولا
ما زَالَ يُبرِمُهُنَّ حتَّى إِنَهُ .:. لَيُقالُ، ما خَلَقَ الإِلَهُ سَحِيلا
ثَبْتُ المَقَامِ يرَى القَبيلَةَ واحِد .:. ويرى فيحسبُه القبيلُ قبيلا
كَمْ وَقْعَةٍ لكَ في المَكارِمِ فَخْمَةٍ .:. غادرْتَ فيها ما ملكتَ فتيلا
أوطأتَ أرضَ البُخلِ فيها غارةً .:. تَركَتْ حُزونَ الْحَادَثات سُهُولا
فَرَأّيْتَ أكثَرَ ما حَبَوْتَ مِنْ اللُّهى .:. نَزْراً وأصغَرَ ما شُكِرْتَ جَزِيلا
لَمْ يَتَّرِكْ في المَجْدِ مَنْ جَعَلَ النَّدى .:. في مالِهِ لِلمُعتَفِينَ وَكِيلا
أَولَيسَ عمْروٌ بَثَّ في الناسِ النَّدَى .:. حتّى اشتَهَينا أَن نُصِيبَ بَخِيلا
أشدُدْ يديك بحبلِ نوحٍ مُعصماً .:. تلقاه حَبلاً بالندى موصُولا
ذَاكَ الَّذي إِنْ كَانَ خِلَّكَ لم تَقُلْ .:. يا لَيْتَني لَمْ أَتَّخِذْه خَليلا

الجمعة، أبريل ٢٢، ٢٠١١

بهاء جاهين - حاجات واحشاني

إلى صلاح جاهين

مفيش حاجات واحشاني
يمكن .. يجوز .. قلم رصاص أصفر
أستيكه أزرق فِ أخضر
ما يتمسحش الحبر في ثواني
أما الرصاص .. بيدوب ويتبخر
يا عملة تذكاريّه ناسياني
أنا ما نساكيش لو عمري يتبعتر
ولو ألملم مِ التراب إسمي
موشومه زي الحرق في جسمي
وحمة دمار .. في قلبي ولساني
ومفيش حاجات واحشاني
حصاله يمكن .. قرشها صدّى
طوفان برايز فضه
نازل من الحصاله .. وأغاني
ومفيش حاجات واحشاني
ولا حتى فيروز لما غنت زروني
ولا شجو شط اسكندريه
ولا حتى ريحة البحر واحشاني
ولا حتى خايف أقول اللي في قلبي ..
قلبي .. بالمقلوب .. وبالمعدول
حصاله فاضيه بلا حنين
ولا فيها حنيّه
ولا فِ حديد القلب أغنيه
ولا وش إنساني
ولا حاجه واحشاني
لكن .. واحشاني الراجل الساكت
بيبص لي
مستني حصالة الكلام تتملي
حَ أقولك إيه ؟ .. يا عيون في جلابيّه
يا حنان بشبشب صوف وبطاقيّه
كل قطورات الحبّ فاتت
كتاكيتي من يوم سقعة ماتت
الحب عنده برد .. وبيعطس شجن
عجوز بطرطور صوف وسراويل صوف
مفيش حاجات واحشاه
ولا قالش ياه من زمن
عايش وحيد وأنا زيّه وحداني
بيبص لي .. وبابص له
اتنين في عالم تاني
الراديو مات
ما عملتلوش مأتمًا
راديو قديم خشب الفيران ساكناه
كان نوره أخضر .. آه
يمكن .. يجوز ..
كان نور عجوز أخضر
وفيه حياه خضرا .. ما هيّاش واحشاني
مفيش حاجات واحشاني
ولا حتى "بالأحضان"
قال الطبيب ما افتحش أحضاني
ولا حتى "والله زمان"
راح اللي راح
خليني في زماني
ولا حتى آخر ورده في البستان
عندي رمد في العين ووجداني

ذكراك في كل ربيع
وكل ربيع
فيه الربيع ذكرى
فيه الربيع تعذيب مورستاني
ولا فيش حاجات واحشاني
إلا الشتا
الكلب البوليسي الضخم
والبطانيّه الميري .. آوياني.

* ديوان كوفيه صوف للشتا - دار ميريت - 2003

الأحد، أبريل ٠٣، ٢٠١١

أبو الطيب المتنبي - أرَقٌ عَلى أرَقٍ وَمِثْلي يَأرَقُ

أرَقٌ عَلى أرَقٍ وَمِثْلي يَأرَقُ .:. وَجَوًى يَزيدُ وَعَبْرَةٌ تَتَرَقْرَقُ
جُهْدُ الصّبابَةِ أنْ تكونَ كما أُرَى .:. عَينٌ مُسَهَّدَةٌ وقَلْبٌ يَخْفِقُ
مَا لاحَ بَرْقٌ أوْ تَرَنّمَ طائِرٌ .:. إلاّ انْثَنَيْتُ وَلي فُؤادٌ شَيّقُ
جَرّبْتُ مِنْ نَارِ الهَوَى ما تَنطَفي .:. نَارُ الغَضَا وَتَكِلُّ عَمّا يُحْرِقُ
وَعَذَلْتُ أهْلَ العِشْقِ حتى ذُقْتُهُ .:. فعجبتُ كيفَ يَموتُ مَن لا يَعشَقُ
وَعَذَرْتُهُمْ وعَرَفْتُ ذَنْبي أنّني .:. عَيّرْتُهُمْ فَلَقيتُ منهُمْ ما لَقُوا
أبَني أبِينَا نَحْنُ أهْلُ مَنَازِلٍ .:. أبَداً غُرابُ البَينِ فيها يَنْعَقُ
نَبْكي على الدّنْيا وَمَا مِنْ مَعْشَرٍ .:. جَمَعَتْهُمُ الدّنْيا فَلَمْ يَتَفَرّقُوا
أينَ الأكاسِرَةُ الجَبابِرَةُ الأُلى .:. كَنَزُوا الكُنُوزَ فَما بَقينَ وَلا بَقوا
من كلّ مَن ضاقَ الفَضاءُ بجيْشِهِ .:. حتى ثَوَى فَحَواهُ لَحدٌ ضَيّقُ
خُرْسٌ إذا نُودوا كأنْ لم يَعْلَمُوا .:. أنّ الكَلامَ لَهُمْ حَلالٌ مُطلَقُ
فَالمَوْتُ آتٍ وَالنُّفُوسُ نَفائِسٌ .:. وَالمُسْتَعِزُّ بِمَا لَدَيْهِ الأحْمَقُ
وَالمَرْءُ يأمُلُ وَالحَيَاةُ شَهِيّةٌ .:. وَالشّيْبُ أوْقَرُ وَالشّبيبَةُ أنْزَقُ
وَلَقَدْ بَكَيْتُ على الشَّبابِ وَلمّتي .:. مُسْوَدّةٌ وَلِمَاءِ وَجْهي رَوْنَقُ
حَذَراً عَلَيْهِ قَبلَ يَوْمِ فِراقِهِ .:. حتى لَكِدْتُ بمَاءِ جَفني أشرَقُ
أمّا بَنُو أوْسِ بنِ مَعْنِ بنِ الرّضَى .:. فأعزُّ مَنْ تُحْدَى إليهِ الأيْنُقُ
كَبّرْتُ حَوْلَ دِيارِهِمْ لمّا بَدَت .:. منها الشُّموسُ وَليسَ فيها المَشرِقُ
وعَجِبتُ من أرْضٍ سَحابُ أكفّهمْ .:. من فَوْقِها وَصُخورِها لا تُورِقُ
وَتَفُوحُ من طِيبِ الثّنَاءِ رَوَائِحٌ .:. لَهُمُ بكُلّ مكانَةٍ تُسْتَنشَقُ
مِسْكِيّةُ النّفَحاتِ إلاّ أنّهَا .:. وَحْشِيّةٌ بِسِواهُمُ لا تَعْبَقُ
أمُريدَ مِثْلِ مُحَمّدٍ في عَصْرِنَا .:. لا تَبْلُنَا بِطِلابِ ما لا يُلْحَقُ
لم يَخْلُقِ الرّحْمنُ مثلَ مُحَمّدٍ .:. أحَداً وَظَنّي أنّهُ لا يَخْلُقُ
يا ذا الذي يَهَبُ الكَثيرَ وَعِنْدَهُ .:. أنّي عَلَيْهِ بأخْذِهِ أتَصَدّقُ
أمْطِرْ عَليّ سَحَابَ جُودِكَ ثَرّةً .:. وَانظُرْ إليّ برَحْمَةٍ لا أغْرَقُ
كَذَبَ ابنُ فاعِلَةٍ يَقُولُ بجَهْلِهِ .:. ماتَ الكِرامُ وَأنْتَ حَيٌّ تُرْزَقُ