الأربعاء، ديسمبر ٣٠، ٢٠٠٩

سميح القاسم - في ساعات اللَّيل المتأخرة

الحركة الأولي:
لا تقولي لأبي شيئاً
ولا تخبري أختي شيئاً
وإفتحي لي شرفة خلفية
ربما أرجع لحماً و دماً
ربما أرجع ضوءاً
دقت الساعة يا أمي و هم ينتظرون
دقت الساعة يا أمي تعالي باركيني
وشهيداً كرسيني
قبل أن أقطع دهليز قرون
في ثوانٍ لأكون

الحركة الثانية:
خرجوا في الليل
كانوا أربعة
أسمر قاس نحيل
وسمين يتقن الضحك
وقمحي جميل
وأنا أولهم كنت
أنا
حارس الكرمة في أقصى الجليل
خرجوا في الليل
كانوا أربعة
فجأة في سفح التل زوبعة
فجأة والأسمر القاسي النحيل
فوق تمثال قتيل
خرجوا في الليل
كانوا
سفح تل
زوبعة
وسمين يتقن الضحك قتيل
فوق تمثال قتيل
خرجوا في الليل
قمحي جميل
يحفن القمح بكفيه
وفي الوادي يسيل
خرجوا في الليل
يا أجمل غابة
تهب الموت الجميل
وأنا أولهم
كنت المغني والربابة
عندما عادوا مع الفجر
وكانوا ألف جيل

الحركة الثالثة:
أتركي طفلتنا ضمة أحلام وزنبق
أتركيها نائمة
ولأكن غيمة نار عائمة
فوق أطراف الأصابع
من ذراعيك
إلى بعض الشوارع
إلى بعض الدروب القاتمة
أتركيها نائمة
وإذا ما إستيقظت باكية
سرقوا لي دميتي
طمئنيها أننا في الفجر راجع
راجع لحماَ و صوتا و دماَ
أو نهاراً
فوق أطراف الأصابع

الحركة الرابعة:
عازف الناي قتيل
بين أشجار الحديقة
وتهب الريح ما زالت من الشرق تهب
فإذا الناي إختلاجات
وأنفاس وقلب
ومزامير عميقة

الحركة الخامسة:
قتلوا فاطمة
بين أبيها والحقيبة
قتلوا فاطمة في ساحة الريح الغريبة
قتلوا فاطمة لكن ريحاً
ملء الأكف الحبقية
فتحت في الليل أبوابا خفية
واستعادت
قبل أن يستيقظ الفجر الحقيبة

الحركة الأبدية:
يذكر الموت
وينسى الفاتحون

الأعمال الكاملة لسميح القاسم - المجلد الأول - مؤسسة عبد العزيز بساط - بيروت

ليست هناك تعليقات: