قدر مصر... أن يكون إثنان من أعظم شعراء عاميتها... أحدهما تونسى والآخر شاميا... ولكنهما مصريان قلبا وقالبا... شعراء عاشا مصر ووصفوها كما لم يعشها ويصفها أحد قبلهما من شعراء العصر الحديث... هما محمود بيرم التونسى وفؤاد حداد
*****
تعتبر هذة القصيدة من أوائل أعمال بيرم، وكان قبل كتابة هذه القصيدة فى هذه الفترة قد أطلع على قصائد إبن الرومى وغيره من كبار أعلام الشعر العربى، وقرأ الكثير من السير الشعبية مثل (ألف ليلة وليلة، سيرة عنترة، سيف بن ذى يزن)، وتأثر فى نشأته الأدبية بروح الهجاء والسخرية والنزعة النقدية فى شعر إبن الرومى وأزجال "محمد توفيق" وهو زجال مأجور استعمله الخديوى لمهاجمة الشيخ محمد عبده والتشهير به والتهكم عليه واضطهاده فى صورة فردية، وكان "محمد توفيق" يتمتع بأسلوب قوى فى السخرية والتهكم والهجاء، وقد أخذ عنه بيرم تلك الروح، لكنه أخذ عليه انسياقه فى ركاب السلطة وتحوله إلى بوق مأجور للسلطان.
وقد كتب بيرم فى هذة الفترة الكثير من القصائد والأزجال لكنه مزقها ظنا منه إنها دون المستوى، أما البداية الحقيقة التى وجهت بيرم لإحتراف مهنة الأدب، فكانت عندما طالبه المجلس البلدى بمبلغ كبير كعوائد عن المنزل الصغير الجديد الذى اشتراه، فكتب بيرم هذة القصيدة –والتى يعتبرها البعض من الشعر الحلمنتشى- وذهب بها إلى جريدة "الأهالى" فأعجب بها رئيس تحريرها "عبد القادر حمزة" ونشرها، وقرر بيرم بعد هذة القصيدة إحتراف مهنة الأدب، لأنها قد راجت رواجاً عظيماً على ألسنة الناس والعامة وقتها وطبعها بيرم فى كتيبات عدة مع قصائد أخرى.
*****
قد أوقع القلب فـى الأشجان والكمد .:. هـوى حبــــــيب يســـمى المجلس البلدى
مـا شـرد النـوم عن جفـنـى القريـح .:. سوى طيف الخيال خيال المجلس البلدى
إذا الرغــيف أتـى فالنصـــف آكلــه .:. والنصــــــــف أتركـــــــه للمجلس البلدى
وإن جلسـت فجيـبى لســـت أتركــه .:. خوف اللصوص وخـوف المجلس البلدى
وما كسـوت عيالى فى الشتــاء ولا .:. فـى الصيــف إلا كســوت المجلس البلدى
كـأن أمــى بـلَّ الله تربتـها أوصــت .:. فقـــــــــالت أخـــــــــــوك المجلس البلدى
أخشى الزواج فإن يوم الزواج أتى .:. يبــقى عروسـى صديقـى المجلس البلدى
وربمـا وهـــب الرحــمن لــى ولـداً .:. فــى بطــــــنها يدعــــــيه المجلس البلدى
قد أوقع القلب فـى الأشجان والكمد .:. هـوى حبــــــيب يســـمى المجلس البلدى
مـا شـرد النـوم عن جفـنـى القريـح .:. سوى طيف الخيال خيال المجلس البلدى
إذا الرغــيف أتـى فالنصـــف آكلــه .:. والنصــــــــف أتركـــــــه للمجلس البلدى
وإن جلسـت فجيـبى لســـت أتركــه .:. خوف اللصوص وخـوف المجلس البلدى
وما كسـوت عيالى فى الشتــاء ولا .:. فـى الصيــف إلا كســوت المجلس البلدى
كـأن أمــى بـلَّ الله تربتـها أوصــت .:. فقـــــــــالت أخـــــــــــوك المجلس البلدى
أخشى الزواج فإن يوم الزواج أتى .:. يبــقى عروسـى صديقـى المجلس البلدى
وربمـا وهـــب الرحــمن لــى ولـداً .:. فــى بطــــــنها يدعــــــيه المجلس البلدى
يــا بــائع الفــجل بالملـــيم واحــدة .:. كــم للعـــــــيال وكـــــــــم للمجلس البلدى
*****
المصادر:
أمير شعراء العامية بيرم التونسى – عاطف عمارة – دار الحرية
المجموعة الكاملة لشاعر الشعب بيرم التونسى – مكتبة مصر